الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم
الأنبياء والمرسلين نبينا
محمد وآله وصحبه أجمعين.
إن الإنسان إذا لم يفهم سنة
الله في البلاء ولم يتعظ من
البلاء الحاصل مما سموه
(كورونا) فإن البلاء القادم
سيكون أشد وأقوى وحينئذ لا
يلومن الإنسان إلا نفسه، إذ
بعد انحسار هذه الجائحة إذا
نسي الناس هذا البلاء العالمي
وهذا التذكير من رب العالمين
وفرحوا بما فتحه الله عليهم
وهداهم إلى صنع العلاج
واللقاح المناسب لهذا
الفيروس، وظنوا أنهوا توصلوا
إليه بعلمهم، وما كان ذلك إلا
استدراج منه تعالى وإملاء
لهم، فأُعجبوا بذلك وبطروا
ونسوا الله وعادت القلوب إلى
ما كانت عليه من القسوة
والغفلة والكفر والشرك والبعد
عن الدين؛ فإن سنة الله أن
يأتيهم بغتة عذاب أكبر وجائحة
أعظم وفيروسًا أو بكتيريا أشد
انتشارًا وإصابة وقتلاً،
وربما موجات أخرى أكبر وأعظم
لهذا الفيروس نفسه،
وهو ما صرحت به منظمة الصحة
العالمية نفسها، قال تعالى:
﴿فَلَوْلَا
إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا
تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ
قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا
نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا
أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ
بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ
مُبْلِسُونَ﴾(1)،
بل وربما تكون قد حانت
النهاية وجاء وقت الهلاك
والاستئصال لهذه الأمم فلا
تبقى لهم باقية كما قال تعالى
بعد ذلك في الآية التالية:
﴿فَقُطِعَ
دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(2).
فسرعة انتشار - ما سموه - (
كورونا) نفسه وتوسعه في طول
الكرة الأرضية وعرضها وكثرة
ضحاياه من المصابين والمتوفين
لم يكن إلا بسبب فعل الناس
وعدم أخذهم العبرة وعدم فهم
الدروس من جائحات وأوبئة
سابقة، وكذلك تحقيق للوعيد
الذي ذكره الله عزَّ وجلَّ في
الآية من الأخذ بغتة، فكل
الدول أُخِذت بغتة وفوجئت
بهذا الجندي الخفي دون أي
إشارة مسبقة أو إنذار مبكر
فأصيبت بالارتباك الشديد ولم
يكن عندها أي استعداد لمثل
هذه الجائحة ولا علاج ولا
لقاح لها، وأخذت تتسول أجهزة
التنفس بل وحتى الكمامات التي
أخذت تقاتل من أجل الحصول
عليها، واحتارت أين تدفن
الموتى بعد امتلاء المقابر،
وصارت كل دولة تقول نفسي
نفسي.
وصلى الله على نبينا محمد
وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
عدنان الطَرشَة
___________________