بسم
الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فقد قال الله تعالى:
﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ
أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ...﴾
الآية[1].
فالله تبارك وتعالى يأمر بتغطية السوءات والميل إلى ستر
الأجسام. وقد بينت الشرائع السماوية أن المرأة أولى بتغطية جسدها لأنه
مطلوب وفتنة للرجال، وما من شريعة سماوية إلا وكانت المرأة مأمورة فيها
بارتداء الحجاب الذي يحفظها من كل سوء كما تُحفظ الحلويات الفاخرة في
الأغلفة لتصان من التلوث والفساد.
أما الشيطان لعنه الله فإنه يأمر بكشف السوءات والميل إلى
عرض الأجسام، خاصة أجسام النساء ليفتن الرجال بها، فاستطاع أن يتلاعب بعقول
كثير من النساء فجعلهنَّ يتبارين في مقدار المساحة المكشوفة من أجسادهنَّ.
فها هنَّ النساء يسرن شبه عاريات في الطريق، أجسادهنَّ
ملقاة عارية على الشواطئ معروضة لكل ناظر، تُستهلك نضارة أجسامهنَّ وتلوث
بالنظرات كما تُستهلك الحلويات وتلوث بالذباب فتعافها النفوس السليمة.
فجسم المرأة -بجميع أجزائه- مطلوب لذاته من قبل الرجل؛
فالرجل طالب ومشاهد والمرأة مطلوبة وعارضة، ولهذا السبب أصبح جسم المرأة
مصيدة الشيطان وصار لا بد له من عرضه واستخدامه في إذهاب لبِّ الرجال
ودفعهم إلى ما فيه نقصان عقولهم ودينهم!.
وما دامت تعرية الأجسام -وخاصة جسم المرأة- قد أصبحت لعبة
الشيطان وخطته الماكرة مع بني آدم جاء التحذير من رب العالمين من هذه الخطة
الشيطانية الخبيثة؛ فعقب الأمر بتغطية الأجسام كما في الآية السابقة، جاءت
الآية التي تليها مباشرة لتحذر من الوقوع في فتنة الشيطان صاحب خطة (نزع
الملابس)، فقال تعالى:
﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا
يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ
يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾[2].
لقد نجح الشيطان في تطبيق خطته على المرأة غير المسلمة، فها
هي قد فرغ الشيطان من تعريتها وعرض جسمها العاري في كل مكان، وبدأ الخطة
نفسها مع المرأة المسلمة فوصل بخطته إلى النهاية في بلاد، وإلى منتصفها في
بلاد، ولا يزال في البداية في بلاد أخرى، وهكذا على درجات مختلفة من
التعري، والخطة هي الخطة في كل البلاد، ومع إنها خطة مكشوفة قد كشفها الله
عزَّ وجلَّ في القرآن، وكشفها الواقع في كثير من البلدان إلا إن كثيرًا من
النساء انطلت عليهنَّ هذه الحيلة، وكثير من أولياء أمور النساء لا ينتبهون
إليها.
فكيف يستطيع الشيطان أن يُعرِّي المرأة المسلمة المحجبة؟
وما هي الخطة التي يطبقها معها فيجعلها تنحط من الحجاب الذي لا يكشف لون
لحمها، إلى لباس البحر (المايوه) ذي القطعتين فيرميها على الشاطئ كتلة لحم
عارية؟!
هذا هو موضوع هذه الرسالة التي أود أن أحذِّر بها المرأة
المسلمة –التي
لم يبدأ الشيطان خطته معها بعد–
من الوقوع ضحية خطة الشيطان في التعري، ولأنبِّه بها المرأة التي طبَّق
معها الشيطان بعضًا من مراحل خطته، أو المرأة التي وصل بها إلى نهاية
الخطة؛ من أنها ليست سوى ضحية لهذه الخطة، وعليها إنقاذ نفسها والعودة إلى
حجابها قبل فوات الأوان بالموت فتكون مع الشيطان في جهنم؛ وهذا ما يريده
الشيطان ويعمل لأجله جاهدًا كما توعَّد.
لقد استخدمت في تأليف هذه الرسالة طريقة مشوقة تبعث في نفس
القارئ حب المتابعة، وهي طريقة الحوار بين الشيطان ونفس المرأة الأمَّارة
بالسوء، حيث يقوم الشيطان بالوسوسة إلى نفس المرأة بكل خطوة من خطواته.
والحوار الذي يجري في هذه الرسالة بين الشيطان والنفس ليس
مع نفس امرأة معينة في بلد معين وإنما مع المرأة كجنس، أيضًا بالنسبة
للمراحل التي يقطعها الشيطان مع المرأة فليس جميع النساء الآن قد وصلن إلى
هدف الشيطان النهائي، بل ربما تكون المرأة في بلد ما في بداية هذه الخطوات
الشيطانية، وقد تكون المرأة في بلد ثان في نهاية هذه الخطوات، وقد تكون في
بلد ثالث في ربع أو نصف الطريق وهكذا في بقية البلدان. كما أنه ليس
بالضرورة أن ينفذ الشيطان جميع خطواته مع امرأة معينة، بل من الممكن أن
تنفذ هي بعض هذه الخطوات ثم تأتي ابنتها مثلاً لتكمل ما بدأته أمها أو
تكمله امرأة غيرها وهكذا...
كما أنه قد يكون هناك بعض الاختلاف في هذه الخطوات بين بلد
وآخر وبالطريقة التي يتبعها الشيطان، وذلك تبعًا لعادات وتقاليد كل بلد،
فما يناسب هذا البلد من خطوات معينة قد لا يناسب ذاك البلد، وما يناسب ذاك
قد لا يناسب هذا، وهكذا...
أما عن كيفية معرفة خطوات الشيطان المذكورة وعن طريقة معرفة
الحديث الذي يجري بين الشيطان والنفس فهي من الواقع المشاهد في البلدان،
فيمكن للمتأمل والمتتبع لسلوك النساء والأشكال التي يظهرن بها، وتتبع خطوات
الأزياء و(الموضات والموديلات) أن يدرك ببصيرته خطوات الشيطان هذه ومن ثم
معرفة نوعية الحديث الذي يجري بين الشيطان وبين نفس المرأة لجعلها تتبع هذه
الخطوات. إذن فالحوار في هذه الرسالة ليس إلا ترجمة الواقع المشاهد إلى
حوار وكلمات. وعلى العموم ليس بالضرورة أن يكون ترتيب خطوات الشيطان
المذكور في هذه الرسالة مطابقًا لترتيب خطوات الشيطان الحقيقية، وكذلك
تفاصيل الحديث أو الحوار الذي يجري بين الشيطان ونفس المرأة.
ومن طريف ما واجهته أثناء تأليف هذه الرسالة هو أنني
بالتأمل في الخطوات المنفذة في بلد ما كنت أذكر خطوة معينة قد لا تنفذ في
بلد آخر إلا بعد عدة سنوات، وذلك بالنظر إلى ما حصل في بلدان أخرى، ولكنني
أكتشف أن الشيطان كان أسرع مما توقعته، إذ أفاجأ بالخطوة قد نُفِّذت! فيبدو
أن الشيطان أحيانًا يكون في عجلة من أمره مع بعض النساء من أجل تعريتهن
خاصة إذا كنَّ سابقًا محجبات لفترة طويلة نسبيًا، وما ذلك إلا بسبب حقده
ومقته على الحجاب، وللانتقام من (سنوات الحجاب).
أدعو الله العلي القدير أن ينفع بهذه الرسالة المرأة
المسلمة في كل مكان، وينفع بها أيضًا أولياء أمور النساء ليمنعونهن من
الوقوع ضحية خطة الشيطان، أو لينقذوهن من خطته إن كنَّ قد وقعن بها.
فالمرأة قد تضعف بمفردها عن مقاومة إغراءات الشيطان الذي يأتيها من الباب
الذي تحبه، وتحتاج إلى الرجل الذي يأخذ بيدها ويرعاها ويحميها ويجنبها
الوقوع في شرك الشيطان وليقيها عذاب النار، كما أمر الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا...﴾
الآية[3].
وأسأل الله تعالى أن يجعل هذه الرسالة خالصة لوجهه الكريم،
وأن يجعلها في ميزان حسناتي يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
عدنان الطَرشَة
[1]
سورة الأعراف، الآية: 26.
[2]
سورة الأعراف، الآية: 27.
[3]
سورة التحريم، الآية: 6.