الرئيسة  |  الكتب

جسمك والتلفزيون

(الطبعة الثالثة 1430هـ-2009م)

 

المقدمــة

الفهـرس

معلومـات

أخبـار

الحصول على الكتاب


المقدمــة

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلَّم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

يا له من جهاز عجيب، جذاب، فتان، يأسر المشاهد ويقيده، يفيده ويضره، يهديه ويضله، يبكيه ويضحكه، يسره ويحزنه، يفرحه ويغضبه، يريحه ويتعبه، يهدئه ويهيجه...

يكوم المشاهد على الأريكة ويفرده، يقلبه ويبرمه، يقيمه ويقعده، يقربه ويبعده، يوقظه وينومه...

هو مجرد صندوق إلا إذا وصَّلته بالكهرباء، ساعتها يبدأ سيل الصور والبرامج بالظهور، وتبدأ الشاشة تضج بالأحياء والأموات، بالقتل والسرقات، بالسفور والتعري، بالوعظ والإرشاد، بالحرائق والانفجارات، بالنصح والتوجيه، بأخبار المصائب والمجاعات ، والخلاعة والتميع، والغناء والإعلانات...

فلكم علَّم التلفاز من شخص بعض أمور دينه، ولكم علَّم من أشخاص البعد عن الدين، لكم علَّم إنسانًا فعل الخير والإصلاح، ولكم علَّم آخرين فعل الشر والإفساد، لكم من إنسان لا يستطيع السفر فأراه البلدان، ولكم من مسافرين دلَّهم إلى أماكن الفسق والفجور، لكم علَّم من إنسان أعضاء جسمه وكيف يحافظ عليها وعلى صحته، ولكم علَّم من أناس الإساءة إلى هذه الأعضاء، وكيف يفسدون صحتهم بل هو عامل مهم في إفساد صحتهم وأجسامهم...

ذلكم هو التلفاز، وتلكم هي بعض أحوال مشاهده. فهل رأيت شيئًا يجمع كل هذه المتناقضات مثل التلفاز؟!، وهل هناك انفصام في الشخصية مثل انفصام التلفاز؟!.

لقد استأثر التلفاز بقلوب الناس، وانتشر في مختلف العائلات والطبقات، واقتنع كثير منهم في أنه لا يمكن العيش بدونه، حتى تعاموا عن سيئاته وأضراره، لا أقول النفسية والأخلاقية والاجتماعية فحسب، بل والجسمية والصحية أيضًا.

فكثير من الناس لا يخطر في بالهم أن يسألوا - على الأقل - عن أضرار التلفاز الجسمية، وفيما إذا كانت مشاهدة التلفاز لفترة طويلة أو مشاهدة هذا البرنامج أو ذاك مفيدة للجسم والصحة أم مضرة؟؛ وذلك بسبب تخدير التلفاز عقولهم واستحواذه عليها إلى درجة أنهم حتى لو سألوا وسمعوا الجواب فهناك احتمال أن يتغافلوا عما سمعوا إن لم يقوموا بتكذيبه، تمامًا كالدخان، يقول الطب والناس بأضراره، ويقرُّ ذلك المدخنون أنفسهم ومع هذا فهم مدمنون لا يستطيعون التخلص منه، وهذا هو الحال مع مدمني التلفاز.

ولكن هذا لا يمنع من القيام بواجب توعية الناس وتعريفهم بأضرار التلفاز. وهذا هو هدف الكتاب. فقد أحببت أن أبين لإخواني المسلمين أضرار التلفاز وآثاره السيئة على الجسم والصحة بتسببه الجلوس الطويل أمامه لمشاهدة برامجه المتتابعة، بغض النظر عن نوعية البرامج التي تعرض فيه إن كانت غثة أو سمينة، نافعة أو ضارة؛ هذا من جانب، ومن جانب آخر فبما أن البرامج المفيدة بدنيًّا وصحِّيًّا معروفة ولا تحتاج إلى تعريف، بل البرامج المضرة بدنيًّا وصحِّيًّا هي التي يخفى ضررها على كثير من الناس، فقد اخترت بعض البرامج التي تشد أعدادًا كبيرة من المشاهدين لأبين أضرارها البدنية وشيئًا من الآثار النفسية التي تنعكس على الجسم فينتج عنها أيضًا أضرار بدنية وصحية.

أما النواحي الدينية والأخلاقية لبرامج التلفاز فأتركها لأهل الاختصاص من العلماء والشيوخ والمفتين، وقد بيَّن علماء الإسلام وما زالوا يبيِّنون ويكشفون أخطار برامج التلفاز على الدين والأخلاق وأُلِّفت عن هذا الجانب الكتب الكثيرة، بل إن أصوات العلماء الغربيين من غير المسلمين والهيئات والرابطات الطبية والاجتماعية والاختصاصيين النفسيين وغيرهم بدأت تتعالى ضد التلفاز ليس من منطلق ديني وإنما من منطلق نفسي وأخلاقي وبسبب تأثير التلفاز الضار والمدمر على التربية الاجتماعية وعلى عقول الأطفال.

فالتلفاز من المخترعات الحديثة التي سبَّبت وتسبِّب أمراضًا وأخطارًا على جسم المُشاهد، وكثير من المشاهدين غافلون عن هذه الأمراض والأخطار لكون بعضها لا يظهر فورًا، بل يظهر مع مرور الزمن، ومنها ما يبدأ في الظهور بعد سن الأربعين أو الخمسين تقريبًا، وحصول الضرر على المُشاهد من التلفاز لم يثبته ويؤكده علماء الدين والأخلاق فحسب، بل أكده وبينه علماء الجسم أيضًا وأعني بهم الأطباء وخبراء العلاج الطبيعي والرياضيين والاختصاصيين وغيرهم. وقد قمت بتأليف هذا الكتاب الذي أسميته: «جسمك والتلفزيون» لأبين فيه هذه الأمراض والإصابات والأعراض... مما أكدته البحوث والدراسات وشخَّصه وأكده الأطباء في كل مكان، ودلت عليه العيادات والمستشفيات بكثرة المراجعين والمراجعات.

وكما أن وجود أشياء أخرى تسبب أمراضًا مشابهة لأمراض الدخان مثلاً؛ لا يمنع العلماء والأطباء من بيان أضراره؛ فكذلك وجود أشياء أخرى تسبب أمراضًا مشابهة لما يسببه التلفاز لا يمنعهم من بيان أضراره وأخطاره، وهم قد فعلوا وبينوا وما زالوا يبينون ويكشفون هذه الأضرار والأخطار، وقد رأيت نفسي مدفوعًا إلى أن أحذو حذوهم في هذا الكتاب.

لقد عرفتُ أهمية هذه الوسيلة الإعلامية الخطيرة والفعالة في حياة الناس، وعرفتُ تأثيرها وإمكانية استغلالها في نشر أي شيء وتعميمه وتعليمه، خيرًا كان أم شرًّا، وقد وجدتُ أن لدي أشياء مفيدة للناس يمكن تقديمها لهم فقمت بحكم خبرتي في التدريب الرياضي بإنتاج شريطي فيديو للتمارين الرياضية. هما: «التمارين الرياضية للجميع» و«تمارين الحامل الرياضية»، وبعدهما قمت بتقديم برنامج «تفضل وتمرن» من خلال محطة التلفاز وهو للتمارين الرياضية أيضًا. فقد وجدتُ أن هذه الفائدة مهما حاولتُ تقديمها إلى أكبر عدد من الناس بشكل مباشر فلا مجال له للمقارنة مع الأعداد الهائلة التي يمكن أن أقدمها لهم من خلال التلفاز، سواء في البلد نفسه أو في البلدان الأخرى التي يصلها بث هذه المحطة. وهكذا تكون خطورة التلفاز عندما يكون الشيء المقدم شرًّا وضررًا بدلاً من خير وفائدة.

والشخص الذي يتابعني في هذه البرامج لا يعد مشاهدًا سلبيًّا بالمعنى الصحيح لأنه يقوم بممارسة الرياضة أمام التلفاز كما لو كان في نادٍ رياضي.

بمثل ما فعلت يمكن لداعية إسلامي أو متخصص في علم من العلوم المفيدة للإنسان بدلاً من أن يستفيد من علمه عدد محدود من الناس يحضرون معه، يمكن أن يستفيد منه ملايين الناس. بل بالإمكان الاستفادة كثيرًا من التلفاز في إصلاح وتقوية وزيادة أمور عديدة في حياة المسلم، تمامًا كما يُستخدم في إفساد وتضعيف وإنقاص هذه الأمور في حياته، وبالإمكان - إذا صلحت النوايا - أن يكون سلاحًا ذو حد واحد هو حد الخير بدلاً من أن يكون سلاحًا ذو حدين: الخير والشر.

بل إنني أقترح وأدعو إلى إرسال عدد من الأقمار الصناعية إلى الفضاء تغطي الكرة الأرضية تخصص لنشر الإسلام ولإعلاء كلمة الله، ولنشر كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله على الناس كافة، أو على الأقل استئجار قناة في عدد من الأقمار بحيث تغطي الكرة الأرضية وتبث بجميع اللغات، وذلك أكبر فائدة من إرسال عدد محدود من الدعاة لا يستفيد منهم إلا عدد محدود من الناس، بل يمكن أن يؤتى بالواحد من هؤلاء الدعاة أمام كاميرا التلفاز ليخاطب الملايين بدلاً من العشرات، وأعتقد بأن ذلك سهل إذا اتفقت عليه بعض الدول أو الهيئات الإسلامية. فكما أمكن إيجاد إذاعات للقرآن الكريم يمكن إيجاد «قنوات تلفاز إسلامية فضائية»[1].

فنحن مع التلفاز كوسيلة لنشر مثل هذا الخير وهذه الفوائد، ولكننا ضد الأخطار والأضرار التي يسببها التلفاز بشكل مباشر أو غير مباشر حتى وإن كان يعرض شيئًا مفيدًا، وضد حد الشر، وهذا هو موقف كل مسلم، بل هو موقف المنصفين من غير المسلمين - من مواطني الدول التي تعد السباقة في الإعلام وفي التلفاز بشكل خاص - الذين يهمهم مصلحة أبناء أوطانهم، ومن باب أولى أن يهمنا مصلحة إخواننا المسلمين في كل مكان، ولهذا وجب علينا بيان هذه الأخطار والأضرار والتأثيرات السيئة.

وقد تتابع في المدة الأخيرة صدور البحوث والدراسات وظهور النتائج التي تثبت أضرار التلفاز على الإنسان ومن ذلك على جسمه حتى أنني احتجت إلى تتبع الصحف والمجلات يوميًّا. وإنني على ثقة بأنه بعد نشر الكتاب سأتمنى مرارًا لو أنني لم أنشره بعد؛ والسبب هو ظهور دراسة أو نتيجة جديدة عن أضرار التلفزيون يمكن أن أضيفها إليه، ولكن الانتظار غير ممكن وإلا فلن ينشر الكتاب أبدًا.

ولم أكتف بما لدي من معلومات أو ما تجمَّع عندي من المراجع والبحوث وغيرها عن هذا الموضوع، بل نزلت إلى الميدان لأستطلع وأستخبر؛ فقمت بجولة على عدد من الأطباء في تخصصات مختلفة من أجل الحصول على آرائهم ومن أجل إعطاء الفرصة لكل واحد منهم ليرى إن كان لديه ما يريد إضافته إلى ما كتبته عن الأضرار التي تتبع تخصصه، وبعد أن اطلعوا على الأوراق أشاد الجميع بما كتبته أو جمعته وأكدوا صحة ذلك وقالوا بأن هذه الأمور قد أصبحت ثابتة لديهم، وشكروني على جهودي لكتابة مثل هذا الموضوع، وحصلت من بعضهم على وجهات نظرهم فيما يرونه من أضرار للتلفاز تتبع تخصصاتهم وهي: العظام، القلب، والتناسلية. وسوف ترد وجهات النظر هذه في مواضعها المناسبة.

إضافة إلى ذلك قمت بتوزيع (استفتاء) في عدة بلدان على عينات من الرجال والنساء من طبقات وجنسيات مختلفة بلغت عشر جنسيات، وهو اجتهاد شخصي الهدف منه التحقق التجريبي من صحة بعض المعلومات والدراسات والإحصائيات، والتعرف ميدانيًّا على سلوك الناس وردود أفعالهم وتعاملهم مع التلفاز. وقد تناول الاستفتاء أمورًا متعددة تركز على الجسم وعلاقته بالتلفاز. وقد أفردت لنتائجه ملحقًا خاصًا في نهاية الكتاب.

وعندما أتحدث عن التلفاز فإنني لا أقصد محطة تلفاز بعينها أو قناة مخصوصة في بلد ما، بل أتحدث عن التلفاز كجهاز يعرض البرامج المختلفة في أي مكان في العالم.

وقد كان الكتاب - في أول الأمر - يضم الموضوعات الخاصة بالأطفال، إلا أنه لكبر حجم المادة التي تتعلق بهم ولأهمية موضوعهم فقد جعلت ذلك في كتاب مستقل وأسميته: «ولدك والتلفزيون».

كما أن من يعنيني في هذا الكتاب هم إخواني المسلمون في كل مكان في العالم، وإليهم بالذات أوجهه حتى أنبههم وألفت نظرهم إلى الأضرار التي يحدثها التلفاز للجسم على الأقل.

أرجو من الله عزَّ وجلَّ أن يجعل هذا الكتاب خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم الدين إنه سميع مجيب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

عدنان الطرشة


[1] أحمد الله تبارك وتعالى على أن ما كنت قد اقترحته في مقدمة الطبعة الأولى في العام 1418هـ - 1997م من إيجاد ((قنوات تلفاز إسلامية فضائية)) لنشر الإسلام؛ فقد تحقق ذلك ولله الحمد والمنة.


عودة للأعلى

الفهرس

* المقدمة.

* الجسم والحركة.

* عصر التلفاز: - بيئة التلفاز - سلاح ذو حدين - الحركة - التلفاز والحركة - التلفاز والتسلية.

* التلفاز والأضرار البدنية والصحية: - الإخلال بنظام الليل والأضرار المتعددة - الإخلال بنظام الليل - أضرار بدنية متعددة - السهر والكفاءة العضلية - السهر وجهاز المناعة - السهر والسمنة - السهر والعمر - السهر والأرق - التشوهات القوامية - أوجاع الظهر وانزلاق الغضروف - التأثير على الجمال والرشاقة - أمراض القلب - السمنة - مرض السكري - ضعف القدرة الجنسية - رفع نسبة الكولسترول - الإمساك - احتقان البول - أثر التلفاز على الدماغ - التركيز - الصداع والصرع - أضرار التلفاز على العينين - تأثير أشعة التلفاز.

*برامج التلفاز والأضرار البدنية: - التلفاز للترفيه - المشاهد الجنسية - الوقاية الربانية - البرامج الإخبارية - المصارعة - خاتمة.

* صيحات غضب ضد التلفاز: - في أميركا - في بريطانيا - في السعودية - في مصر - في إيران - صيحات الكتَّاب والصحفيين -صيحات الزوجات والأزواج والأسر.

* طرق التعامل مع التلفاز: - التلفاز العالمي - ترشيد استخدام التلفاز - نصائح الجلوس أمام التلفاز - عدم تأخير الصلاة -ترك مشاهدة التلفاز.

* الخاتمة: - المحافظة على الجسم - استغلال الوقت - اغتنام العمر.

* ملحق نتائج الاستفتاء: - نتائج الاستفتاء.

* المصادر والمراجع.


عودة للأعلى

معلومات عن الكتاب

مقاس الكتاب

عدد الصفحات

الطبعـــات

السعـــر

24×17
سنتم

190

الطبعة الأولى 1418هـ - 1997م

الطبعة الثانية 1422هـ - 2001م

الطبعة الثالثة 1430هـ - 2009م

20

ريالاً


عودة للأعلى

أخبار عن الكتاب

  • نفد هذا الكتاب من السوق في وقت قصير، فتم نشر الطبعة الثانية ولله الحمد والمنة.


  • في العام 1430هـ - 2009م وبعد نفاد الطبعة الثانية تم نشر الطبعة الثالثة بواسطة المؤلف والتوزيع لمكتبة العبيكان في الرياض.

عودة للأعلى

أماكن الحصول على الكتاب

النسخ الورقية:

النيل والفرات: https://n9.cl/b4mw67

مكتبة الرشد: https://n9.cl/htrft

النسخ الرقمية من غوغل: https://n9.cl/ralze

النسخ الصوتية: https://n9.cl/2gi8d


عودة للأعلى