الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم
الأنبياء والمرسلين نبينا
محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
ففي خطبة الجمعة التي تسبق شهر
رمضان من كل عام تتضمن الخطبة
عند معظم الخطباء عبارة ثابتة
يُقصد منها حث المسلمين على
انتهاز الفرصة وصيام رمضان
لأن ذلك نعمة من الله يجب على
المسلم عدم التفريط فيها،
فيقال: ((فهذه النعمة قد
حُرِم منها كثير من الناس ممن
تخطَّفهم الموت)). أي ماتوا
قبل شهر رمضان ولم يصوموا!
وتُذكر هذه العبارة وما
يشبهها عن الأموات في
المحاضرات والكلمات والمقالات
التي تسبق شهر رمضان.. ولكن
بقليل من التدبر سيتبين أن
هذه العبارة الأخيرة خاطئة
تمامًا ويجب عدم ذكرها بتاتًا
ولا بذكر الذين ماتوا قبل
رمضان، وفيما يأتي تفسير
لذلك.
إن كل مسلم كان محافظًا على
صيام رمضان في حياته ثم توفاه
الله قبل شهر رمضان فهو لم
يُحرم من شهر رمضان القادم بل
هو قد قام بما عليه من واجبات
ومنها صيام شهر رمضان الأخير
في حياته وقد استكمل عمره
وتوفاه الله بعد ذلك وأفضى
إلى ما قدم وليس إلى ما سيأتي
بعد موته. ولو أن بموته قد
حُرِم من رمضان القادم فهذا
يعني أنه أنا وأنت وكل مسلم
سيكون محرومًا من رمضان
القادم عندما يتوفاه الله،
وهذا الأمر ينسحب على كل
المسلمين الذين ماتوا وأتى
شهر رمضان بعد موتهم فيما سبق
من التاريخ وصولاً إلى
الصحابة وإلى النبي صلَّى
الله عليه وآله وصحبه وسلَّم.
ولو كانت العبارة صحيحة لما
كان الذي مات قد حُرِم من
صيام رمضان فحسب بل ومن
الصلوات الخمس والزكاة والحج
والعمرة وسائر الطاعات!.
أما بالنسبة للحي فصحيح؛ فإن من
أتى عليه شهر رمضان ولم يصمه
فهو المحروم من نعمة الله،
لأن الله تعالى قد أمد بعمره
وأنعم عليه بفرصة جديدة تمكنه
من الاستزادة من الطاعات
والأجر والمنزلة في الآخرة
فلم ينتفع من ذلك وحرم نفسه
من هذه النعم التي يمكن أن
يحصل عليها كل مسلم حي؛ فقد
سُئِل رسول الله صلَّى الله
عليه وآله وصحبه وسلَّم: مَن
خير الناس؟ فقال عليه الصلاة
والسلام: «مَن طال عُمُرُه
وحَسُنَ عَمَلُه»[1]. أما المحروم وشر الناس فهو: «مَن
طال عُمُرُه وساءَ عَمَلُه»[2].
وختامًا أدعو الله العلي القدير
أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه من
القول والعمل وأن يعيننا على
الاستزادة من الطاعات على
أنواعها، وأن يجعلنا ممن طال
عمره وحسن عمله. وصلى الله
على نبينا محمد وآله وصحبه
وسلَّم تسليمًا.
عدنان الطَرشَة