قال الله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا يُنْفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ
لِيَصُدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ
فَسَيُنْفِقُونَهَا
ثُمَّ تَكُونُ
عَلَيْهِمْ حَسْرَةً
ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾[1].
يخبر الله تعالى المؤمنين بأحد أفعال
الكفار بأنهم من شدة
بغضهم لسبيل الله
وللمؤمنين السائرون
على هذا السبيل فإنهم
ينفقون أموالهم التي
هي أعز الأشياء عندهم
ليصدوا بها عن سبيل
الله وإضلال الناس عن
الإسلام.
وهذا هو ديدن الكفار على
مر العصور.. إنهم
ينفقون الأموال
الطائلة للصد عن سبيل
الله ومنع ظهور
الإسلام ومنع
المسلمين من أن تكون
لهم دولة إسلامية
تحكم بالشريعة
الإسلامية الصحيحة،
أو أن يكون لهم قوة
ومنعة، أو رقي وتقدم،
أو صناعة واقتصاد..
إنها الحرب الدائمة
والقائمة إلى قيام
الساعة؛ الحرب بين
الإيمان والكفر، وبين
الحق والباطل..
وهذا هو أيضًا ديدن المنافقين
المنتسبين إلى
الإسلام ويخدعون
المسلمين باتباعهم
للإسلام فإنهم ينفقون
أموالهم لمنع ظهور
المسلمين ودولة
الإسلام وحكم
الإسلام؛ لأن ذلك
يكشف نفاقهم وكذبهم
فيما يزعمونه من
اتباع للإسلام، وتظهر
صورتهم الحقيقية
للناس عند المقارنة
كما قال الله عزَّ
وجلَّ:
﴿لِيَمِيزَ
اللَّهُ الْخَبِيثَ
مِنَ الطَّيِّبِ﴾[2]. فعلى الدوام وإلى قيام الساعة هناك
أوقات تظهر فيها
أحداث يميز الله فيها
الخبيث من الطيب،
والمنافق من المؤمن،
والكاذب من الصادق،
وفيها يقف المنافقون
ويصطفون إلى جانب
الكفار وأهل الباطل
في مواجهة المؤمنين
والمسلمين، وينقسم
الناس إلى حزبين لا
ثالث لهما هما: حزب
الله، وحزب الشيطان.
لأنه في الآخرة لا
يوجد إلا مكانان لا
ثالث لهما هما: الجنة
والنار. وهذه سنة من
سنن الله التي يغفل
عنها الكثير من
الناس، قال الله
تعالى:
﴿أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ
يُتْرَكُوا أَنْ
يَقُولُوا آمَنَّا
وَهُمْ لَا
يُفْتَنُونَ (2)
وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَنَّ
اللَّهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ﴾[3]
ولينكشفن للناس الذين
صدقوا في دعوى
الإيمان واتباع
الإسلام، ولينكشفن
للناس الذين كذبوا في
دعواهم ذلك.
ولكن الله تعالى القادر على كل شيء
وبيده ملكوت السماوات
والأرض يبشر المؤمنين
بأن هؤلاء الكفار
والمنافقين وبعد
إنفاقهم لأموالهم
ليصدوا بها عن سبيل
الله سوف تكون عليهم
حسرة وندامة، وحجم
الحسرة سوف يكون بحجم
الأموال التي
أنفقوها؛ لأنها لم
تنفع في تحقيق
أهدافهم الخبيثة في
الصد عن سبيل الله
ومنع ظهور الإسلام
وإضعاف المسلمين،
وليس هذا فحسب بل
يُغلَبون ويُهزَمون
وعلى رؤوسهم
يُنَكَّسون، ويكون
الفوز والنجاح والنصر
للإسلام ومن نصيب
عباد الله المؤمنين
في الدنيا والآخرة
لأنه كما قال الله
تعالى:
﴿وَمَنْ
يَتَوَلَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا
فَإِنَّ حِزْبَ
اللَّهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ﴾[4]، وقال تعالى:
﴿إِنَّ
اللَّهَ يُدَافِعُ
عَنِ الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ
كُلَّ خَوَّانٍ
كَفُورٍ﴾[5]، وقال تعالى:
﴿إِنَّا
لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا
وَالَّذِينَ آمَنُوا
فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ
يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾[6].
وختامًا أسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يعلمنا ما
ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وأن ينفع بنا غيرنا من المسلمين، وصلى
الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
عدنان الطَرشَة