الصلاة
على النبي
ﷺ
------------------
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا
محمد وآله وصحبه أجمعين.
قال رسول الله
صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم:
«إن
مَلَكًا أتاني فقال: إن ربك يقول لك: أما ترضى أن لا يصلِّي عليك أحد من أُمَّتك
إلا صليتُ عليه عشرًا، ولا يُسَلِّم عليك إلا سلَّمتُ عليه عشرًا؟ قلت: بلى»[1].
السلام على النبي ﷺ:
السلام على النبي
ﷺ
هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. وهو السلام الذي يقال في التشهد في
الصلاة، قال رسول الله
ﷺ:
«إن
الله هو السلام، فإذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات،
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين،
فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير بعد من الكلام ما شاء»[2].
أي يدعو لنفسه بما يعجبه من الدعاء.
الصلاة على
النبي
ﷺ[3]:
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[4].
قال البخاري: قال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة
الدعاء. وقيل: معنى الصلاة على النبي
ﷺ
تعظيمه، فمعنى قولنا اللهم صلِّ على محمد: عظِّم محمدًا. والمراد تعظيمه في الدنيا
بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته
وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، وعلى هذا فالمراد بقوله تعالى
﴿صَلُّوا
عَلَيْهِ﴾
ادعوا ربكم بالصلاة عليه. ولا يعكر عليه عطف آله وأزواجه وذريته عليه فإنه لا يمتنع
أن يُدعى لهم بالتعظيم، إذ تعظيم كل أحد بحسب ما يليق به.
لقد أخبر الله - سبحانه وتعالى - عباده بمنـزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى
بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل
العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي
والسفلي جميعًا. وقد جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله
ﷺ
بالأمر بالصلاة عليه، وكيفية الصلاة عليه.
أما عن كيفية الصلاة على النبي
ﷺ
فقد جاءت كيفيات متعددة منها: عن كعب بن عجرة قال: إن النبي
ﷺ
خرج علينا فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال:
«قولوا:
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم
بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»[5]،
وعنه أيضًا قال: سألنا رسول الله
ﷺ
فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله قد علمنا كيف نسلِّم؟
قال: «قولوا:
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك
حميد مجيد»[6].
وعن أبي حميد الساعدي
رضي الله
عنه
أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلِّي عليك؟ فقال رسول الله
ﷺ:
«قولوا:
اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمد
وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد»[7].
وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله
ﷺ:
«قولوا:
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك
على محمد وعلى آل محمد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك
حميد مجيد»[8].
وهذه الصلاة هي الأكثر استعمالاً في التشهد الأخير في الصلاة.
أما عن المواطن التي يستحب فيها الصلاة على النبي
ﷺ
فهي كثيرة، منها:
-
بعد الأذان؛ عقب إجابة المؤذن.
«إذا
سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ، فإنه من صلَّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منـزلة في
الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة»[9].
-
عند الدخول إلى المسجد والخروج منه؛ فيقول عند الدخول: بسم الله، والصلاة والسلام
على رسول الله
ﷺ،
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد واغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وعند
الخروج يقول بمثل ذلك غير أنه يقول: اللهم إني أسألك من فضلك. قال رسول الله
ﷺ:
«إذا
دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك»[10].
-
في جلوس التشهد الأخير في الصلاة؛ بعد التشهد وقبل الدعاء.
-
في الدعاء؛ في الصلاة وغيرها؛ فيبدأ بتمجيد الله والثناء عليه ثم يصلِّي على النبي
ﷺ،
ويختم الدعاء بالصلاة على النبي
ﷺ.
فقد سمع النبي
ﷺ
رجلاً يدعو في صلاته، فلم يصلِّ على النبي
ﷺ
فقال النبي
ﷺ:
«عَجِلَ
هذا»
ثم دعاه، فقال له أو لغيره «إذا
صلى أحدكم، فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم لِيُصَلِّ على النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم،
ثم ليدْعُ بعد ما شاء»[11].
وقال عمر بن الخطاب
رضي الله
عنه:
«إن
الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء، حتى تصلي على نبيك
ﷺ»[12].
-
في يوم الجمعة؛ فيستحب الإكثار من الصلاة على النبي
ﷺ
لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن
من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبِضَ، وفيه النفخة، وفيه
الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ»
قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أَرِمْتَ؟ يقولون بليت، فقال:
«إن
الله عزَّ وجلَّ حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء»[13].
- في الصلاة على الجنائز؛ بعد التكبيرة الثانية.
- في آخر دعاء القنوت.
- في الخطب والمحاضرات والكلمات ونحوها.
- في المجالس؛ قال رسول الله
ﷺ:
«ما
اجتمع قوم في مجلس فتفرقوا، ولم يذكروا الله، ويصلوا على النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم،
إلا كان مجلسهم تِرَةً عليهم يوم القيامة»[14].
- في الرسائل والكتب.
- عند ذكر اسم النبي
ﷺ.
قال رسول الله
ﷺ:
«رغم
أنف رجل ذُكِرْتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ»[15]،
وقال عليه الصلاة والسلام:
«البخيل
الذي مَن ذُكِرْتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ»[16].
وأكثر الصلاة على النبي
ﷺ
استعمالاً عند ذكر اسمه في الكتابة أو الكلام هي: «صلَّى
الله عليه وسلَّم».
التي صار لها رمزًا جاهزًا هكذا (ﷺ)
لاستعماله عند الكتابة بالحاسوب لاختصار زمن الكتابة والموضع، ولكنه قد لا يظهر
بواسطة بعض متصفحات الإنترنت، وربما يظهر على شكل حرف لاتيني ولهذا لم استخدمه.
وبالجملة فإن الصلاة على النبي
ﷺ
يمكن قولها وتكرارها في كل وقت، وفي أي بلد من البلدان، وهي تبلغ النبي
ﷺ
أينما كان الإنسان الذي صلَّى عليه؛ قال النبي
ﷺ:
«وصلُّوا
عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم»[17]،
ويمكن الإكثار منها وتكرارها واتخاذها وردًا حتى وإن كانت بلفظ «اللهم
صلِّ على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد»[18]
أو «اللهم
صلِّ على محمد وعلى آل محمد».
وفي ذلك الأجر العظيم والفضل الكبير. عن أبي بن كعب قال: قلت: يا رسول الله، إني
أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: «ما
شئت».
قلت: الربع؟ قال: «ما
شئت، فإن زدت فهو خير لك».
قلت: فالنصف؟ قال: «ما
شئت، وإن زدت فهو خير».
قلت: فالثلثين؟ قال: «ما
شئت، فإن زدت فهو خير».
قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذًا
تُكْفَى همَّك ويُغْفَرُ لك ذنبك»[19].
أما فضل الصلاة على النبي
ﷺ
فهو عظيم جدًا، وكفى بمن صلَّى على النبي
ﷺ
مرة واحدة أن يصلِّي الله عليه بها عشر مرات كما أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام:
«من
صلَّى عليَّ واحدة صلَّى الله عليه عشرًا»[20].
وقال عليه الصلاة والسلام: «من
صلَّى عليَّ واحدة، صلَّى الله عليه عشر صلوات، وحطَّ عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر
درجات»[21].
وقال
ﷺ:
«من
صلَّى عليَّ صلاة لم تزل الملائكة تُصلِّي عليه ما صلَّى عليَّ، فليُقِلَّ عبد من
ذلك أو ليُكْثِر»[22].
وقال النبي
ﷺ:
«ما
من أحد يسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام»[23].
وختامًا أسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يعلمنا ما
ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وأن ينفع بنا غيرنا من المسلمين، وصلى
الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
عدنان الطَرشَة
[1]
صحيح الجامع الصغير، رقم: 2198.
[2] أخرجه
البخاري في كتاب الاستئذان، باب السلام اسم من أسماء الله تعالى.
[3]
هذا الموضوع منقول من كتاب
عدنان الطرشة: «ماذا يحب النبي محمد وماذا يكره»، والمراجع التي أشار
إليها فيه.
www.adnantarsha.com
[4]
سورة الأحزاب، الآية: 56.
[5]
أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم.
[6]
أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب 10.
[7] أخرجه
البخاري في كتاب الأنبياء، باب 10.
[8] صحيح
سنن الترمذي، رقم: 2572.
[9]
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن
سمعه.
[10] صحيح سنن الترمذي، رقم: 2852.
[11] صحيح
سنن الترمذي، رقم: 2767.
[12] صحيح
سنن الترمذي، رقم: 403.
[13]
صحيح سنن أبي داود، رقم: 925.
[14]
صحيح الجامع الصغير، رقم: 5510.
[15]
صحيح سنن الترمذي، رقم: 2810.
[16] صحيح
سنن الترمذي، رقم: 2811.
[17] صحيح
سنن أبي داود، رقم: 1796.
[18]
صحيح سنن أبي داود، رقم: 866.
[19]
صحيح سنن الترمذي، رقم: 1999.
[20]
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
بعد التشهد.
[21]
صحيح الجامع الصغير، رقم: 6359.
[22]
مسند أحمد، رقم: 15620، وقال حمزة أحمد الزين: إسناده حسن.
[23]
صحيح سنن أبي داود، رقم: 1795.
تنزيل
المقال pdf
|