الحمد لله والصلاة والسلام
على نبينا محمد وآله وصحبه
وسلَّم تسليمًا.
لقد وفقني الله تعالى إلى
تأليف كتاب (دليلك إلى
المرأة) الذي تكررت طباعته
واستفاد منه الكثير من
الأزواج كما أخبرني عدد منهم؛
ولهذا أصبحت على ثقة تامة
للقول بأن الرجل لو تزوج
بأربع زوجات لكان بإمكانه أن
يجعل كل واحدة منهن تشعر
وكأنها الزوجة الوحيدة لديه
وليس هناك ثلاث زوجات أخريات
غيرها، وأن يعيش مع كل واحدة
منهن حياة سعيدة خالية من
المشكلات بإذن الله تعالى.
مع إنني قد عنونت المقال بـ
(الزوج المثالي النادر) إلا
أن النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
قد أوصى كل مسلم بأن يكون مثل
هذا الزوج المثالي حتى يكون
عامة الأزواج هكذا وليس ندرة
منهم، وقد دل النبي عليه
الصلاة والسلام كل مسلم على
الطرق والأساليب التي تجعله
زوجًا مثاليًا؛ وبالفعل فقد
بات معظم الأزواج يعرفون هذه
الطرق والأساليب ولكنهم للأسف
الشديد لا يطبقونها ولا
يعملون بها وهو مما جعل من
يطبقها ويعمل بوصايا النبي في
معاشرة زوجته يصبح زوجًا
مثاليًا نادرًا.
ولنستعرض بعضًا من الطرق
والأساليب والوصايا التي
علمها النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
للأزواج لكي يعملوا بها
ويطبقونها سواء أكان لديهم
زوجة واحدة أو أكثر، ومن
المؤكد أنه عند ذكر كل وصية
أو طريقة سيجد الزوج القارئ
أنه قد سمع بها أو أنه
يعرفها، ولكن
السؤال
هو:
هل طبقتها؟ هل تفعل ذلك مع
زوجتك باستمرار على مدى حياتك
الزوجية؟
- يقول الله تعالى:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى
أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ
خَيْرًا كَثِيرًا﴾[1].
وقال تعالى:
﴿وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ﴾[2].
على الزوج أن يكون عادلاً مع
نفسه فما يحبه من زوجته
فليفعل بها مثله فتقوم هي به
بنفس راضية وسعيدة. فمثلاً
إذا أردتها أن تتزين وتتعطر
لك، فعليك أن تفعل الشيء نفسه
فتتخلص من رائحة العرق وتتعطر
لها خاصة كل ليلة عند النوم،
عن ابن عباس قال: إني لأحب أن
أتزين للمرأة كما أحب أن
تتزين لي المرأة لأن الله
يقول:
﴿وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ﴾.
- وقد شبه النبي
صلَّى الله عليه
وسلَّم
النساء بالقوارير أي الزجاج
القابل للكسر والعطب إذا لم
يتم الرفق به:
«ارفق
يا أنجشة ويحك بالقوارير»[3].
والمقصود:
«رفقًا
بالقوارير».
فعلى الزوج مراقبة ما يقول
وما يفعل مع زوجته حتى لا
يكسرها أو يخدشها.
- يقول النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم:
«لا
يَفْرَك[4]
مؤمن مؤمنة، إن كره منها
خُلُقًا رضي منها آخر -أو
قال: غيره»[5].
- ولما سئل النبي
صلَّى الله
عليه وسلَّم
عن حق الزوجة على زوجها قال
عليه الصلاة والسلام:
«أن
تُطْعمَها إذا طَعِمْتَ،
وتكسوها إذا اكتسيت»
أو
«اكتسبت»
«ولا
تضرب الوجه، ولا تُقبِّح، ولا
تهجر إلا في البيت»[6].
- وعن أبي هريرة قال:
«ما
عاب النبي صلَّى الله عليه و
سلَّم طعامًا قط، إن اشتهاه
أكله، وإن كرهه تركه»[7].
وفي رواية مسلم:
«وإن
لم يشتهه سكت»[8].
إن هذه الوصايا
وغيرها هي
لعامة الأزواج ومعظمهم لديه
زوجة واحدة، وإنما الذي أعنيه
من هذا المقال هو الزوج
المعدد الذي لديه أكثر من
زوجة؛ إذ عليه مراقبة نفسه
ليتأكد من كونه يطبق ما سمع
أو ما يعرف من وصايا النبي
عليه الصلاة والسلام التي
تخصه كزوج معدد أم لا. هناك
وصية رئيسة تخص المعدد وهي
الالتزام بالشرط الذي شرطه
الله عليه عند التعدد وهو
العدل بين الزوجات في المبيت
والنفقة، وعدم الجور والظلم
في معاملة الزوجات، فقال عليه
الصلاة والسلام:
«من
كانت له امرأتان، فمال إلى
إحداهما، جاء يوم القيامة
وشقه مائل»[9].
وأعود إلى المسألة التي بدأت
فيها هذا الموضوع وهي أنه
بإمكان الرجل لو كان له أربع
زوجات أن يجعل كل واحدة منهن
تشعر كأنها الزوجة الوحيدة
عنده.. كيف؟!. هنا يكمن السر
وهنا يكمن أسلوب الحياة
والمعاشرة المثالية مع الزوجة
التي لا يقدر عليها إلا ندرة
من الرجال التي من أول أسباب
نجاحهم فيما ذكرت هو التغلب
على أنفسهم أولاً، فقد يخطر
في بال الزوج أشياء كثيرة وفي
أيام متكررة أن يقول أو أن
يفعل لإحداهن شيئًا سيئًا مما
تدفعه إليه نفسه وهنا عليه أن
يتغلب على نفسه ويمنعها من
تنفيذ ما تريده.
أحد أهم هذه الأمور بل هو
الأمر الرئيس هو أن يمتنع عن
ذكر أي شيء عن إحداهن عند
الأخرى، فعلى الرجل أن يعلم
بأن طبيعة الأنثى تكره أن
يذكر زوجها أمامها أي شيء يخص
الزوجة الأخرى سواء كان حسنًا
أو سيئًا، خيرًا أو شرًا، ومن
يفعل ذلك فهو زوج جاهل لا
يحسن التعامل مع طبيعة
الأنثى، والأجهل منه هو الذي
يظل يدندن أمام إحداهن محاسن
الزوجة الأخرى، فيمدحها ويثني
عليها، ويقارنها بها بأنها
أفضل منها في كذا وكذا..
فمعلومات هذا الرجل عن الأنثى
وعن غيرتها الفطرية صفر أو
على الأقل متدنية، لماذا...؟
لأنه لو لم يكن ذلك في فطرة الأنثى
لكانت أولى النساء بالنجاة من
هذه الصفة أمهات المؤمنين رضي
الله عنهن، فإليك بعضًا من
قصص عائشة رضي الله عنها فيما
يتعلق بالغيرة وكراهة سماع أي
ذكر عن زوجة أخرى أو رؤية شيء
يخص زوجة أخرى من زوجات النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم:
«كان
النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى
أمهات المؤمنين بصَحْفَة فيها
طعام، فضربت التي النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
في بيتها يد الخادم فسقطت
الصحفة فانفلقت، فجمع النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
فِلَقَ الصحفة ثم جعل يجمع
فيها الطعام الذي كان في
الصحفة ويقول:
«غارت
أمكم»،
ثم حبس الخادم حتى أُتي بصحفة
من عند التي هو في بيتها،
فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي
كُسِرت صحفتها، وأمسك
المكسورة في بيت التي كَسَرت»[10].
وفي الحديث إشارة إلى عدم
مؤاخذة الغيراء بما يصدر
منها؛ لأنها في تلك الحالة
يكون عقلها محجوبًا بشدة
الغضب الذي أثارته الغيرة...
والغيراء لا تبصر أسفل الوادي
من أعلاه[11].
ولا تحسبن أن المرأة تغار من
الضرة فحسب، بل إنها تغار من
أي أنثى: أمها، شقيقتها،
ابنتها، زميلة العمل،
الخادمة، عجوز في السبعين من
عمرها، طفلة في العاشرة...
وربما تغار المرأة حتى من
الأموات اللاتي فارقن الحياة
ولم يعد لهن أي ضرر عليها،
وذلك إذا أكثر الزوج ذكرهن
والثناء عليهن أمامها؛ ولم
تنج من ذلك عائشة أم
المؤمنين، فمن هي دونها أولى.
تقول عائشة رضي الله عنها:
«ما
غرت على أحد من نساء النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
ما غرت على خديجة وما رأيتها،
ولكن كان النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة
ثم يُقَطِّعُها أعضاء ثم
يبعثها في صدائق خديجة، فربما
قلت له: كأنه لم يكن في
الدنيا امرأة إلا خديجة؟»[12].
وفي رواية أخرى عن سبب
غيرتها:
«من
كثرة ذكر رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم
إياها»[13].
وذات يوم جاءت هالة بنت خويلد
أخت خديجة فاستأذنت على رسول
الله
صلَّى الله عليه وسلَّم،
فعرف استئذان خديجة، أي صفته
لشبه صوتها بصوت أختها،
فتذكَّر
صلَّى الله عليه
وسلَّم
خديجة بذلك، فتقول عائشة التي
كانت حاضرة:
«فغِرت
فقلت: ما تذكر من عجوز من
عجائز قريش حمراء الشِّدقَين
هلكت في الدهر، قد أبدلك الله
خيرًا منها»[14].
ففي الحديث ثبوت الغيرة وأنها
غير مستنكر وقوعها من فاضلات
النساء فضلاً عمن دونهن، وأن
عائشة كانت تغار من نساء
النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
لكن كانت تغار من خديجة أكثر،
وقد بينت سبب ذلك وأنه لكثرة
ذكر النبي
صلَّى الله
عليه وسلَّم
إياها، وأصل غيرة المرأة من
تخيل محبة غيرها أكثر منها،
وكثرة الذكر تدل على كثرة
المحبة. وأشارت بذلك إلى أنها
لو كانت موجودة في زمانها
لكانت غيرتها منها أشد. وكون
النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم
كان يرسل أعضاء الشاة إلى
صديقات خديجة هو أيضًا من
أسباب الغيرة لما فيه من
الإشعار باستمرار حبه لها حتى
كان يتعاهد صواحباتها[15].
فقد حددت عائشة رضي الله عنها
سبب حدوث الغيرة، وهو (كثرة
الذكر) وهذا يقودنا إلى مظاهر
أخرى من مظاهر الغيرة عند
المرأة؛ فالمرأة تغار من أي
إنسان يُكثر الزوج ذكره،
وتشتعل الغيرة أكثر إذا كان
الزوج يستخدم في ذكره عبارات
الإطراء والثناء والمديح...
وعمومًا فإن المرأة تغار من
أي شيء يحوز على اهتمام الزوج
وإعجابه ووقته وإن كان شيئًا
آخر غير الإنسان.
أليس من الحق القول بعد هذا
أن نقول إن الزوج
الذي يظل يدندن أمام إحدى زوجاته
محاسن الزوجة الأخرى،
فإن
معلوماته عن الأنثى وعن
غيرتها الفطرية صفر أو على
الأقل متدنية؟
قد يعتقد الزوج الجاهل بفطرة
الأنثى التي خلقها الله عليها
أن ذكره أو مدحه لزوجة عند
زوجة أخرى هو من أجل حث هذه
الأخرى وتحفيزها وتنشيطها لكي
تكون أفضل وأحسن من تلك
الزوجة، ولكنه يجهل أن هذا
الأسلوب يؤدي إلى العكس
تمامًا ولا يتحقق مراد الزوج
من ذلك، بل الأمور تذهب في
اتجاه آخر بسبب طبيعة الأنثى
التي تعد كل ذكر لزوجة أخرى
أمامها هو ضربة مطرقة، وكل
مديح لتلك الزوجة هو طعنة
سكين، ومع تكرار الزوج لذلك
مع زوجته يصبح لدينا نفس أنثى
محطمة ومليئة بالجروح وفاقدة
للثقة، والزوجة التي كلما دخل
زوجها من باب البيت رأت في
يده سكين وفي الأخرى مطرقة،
بل اللسان أعظم وأخطر من
السكين والمطرقة التي يشفى
الجسم من ضرباتها، أما اللسان
فيصعب على النفس الشفاء مما
نطق به في حقها من الكلام
السيئ والجارح والمحطم.. فكيف
تستطيع هذه الزوجة أن تلقى
زوجها بابتسامة أو تهتز فرحًا
بقدومه أو تتزين بأفضل شكل
وهذا هو حالها الذي هو من صنع
زوجها بها؟!
إن أقل المعلومات التي على
الرجل أن يعلمها هو أن أي مدح
لشيء ما يخص إنسان ما يجعل
هذا الإنسان مهتمًا أكثر بهذا
الشيء، فلو قال الزوج لزوجته:
تسريحة شعرك جميلة؛ لاهتمت
أكثر فأكثر بتسريحات شعرها،
والعكس صحيح أيضًا وهو أنها
لو عملت أجمل تسريحة لشعرها
فيقول لها زوجها ما هذه
التسريحة القبيحة لما شعرت
بعد ذلك بأي حماس للاهتمام
بشعرها، ويدخل في ذلك أيضًا
إذا قام بمدح شيء
يخص
الزوجة الغائبة فكأنه يذم هذا
الشيء عند الزوجة الحاضرة،
على سبيل المثال: لو قال
زوجتي فلانة أنيقة فكأنه يقول
لهذه الزوجة: أنت لست أنيقة،
أو قال: زوجتي فلانة نظيفة
ومرتبة، فكأنه يقول لهذه
الزوجة: أنت وسخة وفوضوية، أو
قال: زوجتي فلانة ماهرة في
الطبخ فكأنه يقول لهذه
الزوجة: أنت فاشلة في الطبخ..
وقس على ذلك كل أمر من الأمور
الأخرى وكل عمل من أعمال
الزوجة.
وأنا شخصيًا لو كان لدي أربع
زوجات لما ذكرت شيئًا أمام
إحداهن عن أخرى، بل لجعلتها
تشعر أن الأيام الثلاثة التي
كنت غائبًا فيها عنها لم أكن
بائتًا فيها عند الثلاث
الأخريات بل كنت في سفر قصير أو كنت مبيتًا في بيت والدي،
وأنها هي الزوجة الوحيدة
عندي. بهذه الطريقة فقط ينال
الزوج المعدد ما يريد من كل
واحدة منهن وتعم السعادة
الزوجية على البيوت الأربعة
وتخلو من المشكلات والمنغصات.
من ناحية أخرى هناك عدد من
الأمور التي على الزوج أن
يضعها في اعتباره أختار منها
مسألة واحدة في غاية الأهمية
لأنه قد يغفل عنها كثير من
الأزواج وهي: الأمان؛ أن
يُشعر الزوج زوجته بالأمان؛
فالأنثى بطبيعتها تظل تنشد
الرعاية والحماية والأمان من
الذكر في جميع مراحل حياتها.
فهي في مرحلة الطفولة تكون
تحت رعاية الأب وحمايته، ثم
عندما تتزوج تصبح تحت رعاية
الزوج وحمايته، ثم عندما تكبر
في السن تصبح تحت رعاية الابن
وحمايته.
ومهما بلغت المرأة من الغنى
والجاه فإنها تظل بحاجة إلى
أمان الرجل، لأنه أمان من نوع
خاص يملأ مكانًا خاصًا في
نفسها لا يمكن للمال مهما بلغ
ولا الجاه مهما عظم أن يملأ
هذا المكان أو يعوضها عن أمان
الرجل الذي هو حاجة فطرية في
خَلْق الأنثى الطبيعية. وأذكر
بهذه المناسبة قصة امرأة
مشهورة وغنية جدًا حيث تملك
عشرات الملايين من المال
والعقارات وغيرها... ولما
سُئلت عن سبب انفصالها عن
زوجها قالت: لم أشعر معه
بالأمان. فكل أموالها وشهرتها
لم تغنها عن أمان الرجل،
ولمَّا وجدت أنها لا تشعر
بالأمان مع هذا الزوج انفصلت
عنه لتبحث عن رجل آخر يمنحها
الأمان المطلوب. وإن مما يقلل
الشعور بالأمان عند الزوجة أو
يفقده عندها بالكلية؛ إذا كان
الزوج غير قادر على تحمل
مسؤولياته كزوج وأب وصاحب بيت
وتأمين متطلبات الأسرة. أو
جعلها تشعر بأنه قد يتخلى
عنها لأتفه الأسباب، أو
تهديده لها بالطلاق، أو
ترديده على مسامعها بأنه قد
يتزوج بأخرى، وما شابه ذلك من
الأقوال والأفعال التي تجعلها
تعيش في قلق وإحباط وتعب نفسي
وخائفة من المستقبل فتحاول
تأمين نفسها بعيدًا عنه.
فالذي يفعل مثل ذلك كما يفعل
الجاهل بطبيعة الأنثى، أو
يشابه بتصرفاته تصرفات الرجل
السيئ الذي يظلم زوجته
ويهينها لكي تطلب الخُلع
وتعيد له المهر.. فهو سيسقط
من عين زوجته، وربما يدفعها
لكي تفضل الانفصال عنه
والطلاق على الاستمرار في
هكذا حياة زوجية معه مليئة
بالتعاسة والظلم وعدم العدل
مع الزوجات الأخريات.
على الزوج المعدد أن يختبر
عدله بين الزوجات ومعاشرته
لكل واحدة منهن باختبار سهل
ويسير إذا كان لديه بنتًا
وهو: أن يفترض أن إحدى
الزوجات تدعو الله أن يرزق
ابنته من الزوجة الأخرى زوجًا
يشابه أباها في معاملته
وسلوكه، فإن كان هذا الزوج
عادلاً بين الزوجات ومعاملته
جيدة مما يرضي الله ورسوله
فسوف يكون ضميره مرتاحًا
ونفسه راضية مهما دعت هذه
الزوجة بهذا الدعاء، أما إن
شك وخاف ولم يرغب في أن تكون
معاملة زوج ابنته لها مشابهة
لمعاملته هو لزوجته؛ فهذا
يعني أن عليه يتق الله ويصحح
معاملته لهذه الزوجة ويجعل
عشرته لها كما أمر الله عزَّ
وجلَّ ورسوله صلَّى الله عليه
وسلَّم،
ويمكنه أن يجرب الطريقة التي
نصحت بها مما يمكن أن يفعله
الزوج لو كان عنده أربع زوجات
من عدم ذكر أي زوجة أمام زوجة
أخرى، وأن يُشعر كل زوجة
بأنها الزوجة الوحيدة عنده
فعندها فقط يصبح زوجًا
مثاليًا نادرًا. وفي جميع
الأحوال عليه أن يضع نصب
عينيه حديث النبي
عليه الصلاة والسلام:
«من
كانت له امرأتان، فمال إلى
إحداهما، جاء يوم القيامة
وشقه مائل».
وأن يظل يعرض أسلوبه وعشرته
الزوجية مع كل زوجة على هذا
الحديث في كل وقت وحين حتى
يتفادى الظهور وشقه مائل أمام
الأشهاد يوم القيامة فيعلم
الناس أنه لم يكن عادلاً بين
زوجاته.
كما هو معلوم أن الزواج هو من
أعز الأمور على قلب المرأة
وتتمناه وتفكر فيه على الدوام
كل فتاة عازبة، أما الطلاق
فهو من أبغض الأمور على قلب
المرأة وهي تضحي كثيرًا من
أجل تفاديه وعدم حصوله لها
وتتنازل عن بعض الأمور من أجل
استمرار حياتها الزوجية؛
ولهذا أحب أن أختم هنا
باختبار سهل ويسير ويصلح
للزوج المعدد وكذلك للزوج
الذي لديه زوجة واحدة، من أجل
أن يتعرف الزوج على حاله
ووضعه الحقيقي مع زوجته وهو:
إذا كانت زوجته قد وصلت إلى
مرحلة ترى فيها أن حياتها في
الطلاق هي أسعد لها من حياتها
الزوجية معه؛ فهذا مؤشر قوي
ودليل واضح على أن هذا الزوج
قد وصل إلى درجة متقدمة من
الظلم والإساءة لزوجته وأصبح
بالنسبة لها كابوسًا وعبئًا
ثقيلاً لن تشعر بالراحة
والاطمئنان إلا بالتخلص منه
والابتعاد عنه، فعليه أن
يبادر فورًا إلى إعادة صياغة
حياته وعشرته لزوجته بما يزيح
الكابوس عن صدرها ويجعلها
راضية ومسرورة وتشعر بالأمان
معه وتفضل استمرار حياتها
الزوجية معه على الطلاق منه،
وإلا فليتوقع أن تطلب الطلاق
منه في يوم من الأيام.
وختامًا أسأل الله تعالى أن
يجعلنا من الأزواج المثاليين
النادرين، وأن يوفقنا إلى ما
يحبه ويرضاه، وأن يعلمنا ما
ينفعنا، وأن ينفعنا بما
علَّمنا، وأن ينفع بنا غيرنا
من المسلمين، وصلى الله على
نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم
تسليمًا.
عدنان الطَرشَة
[1] سورة
النساء، الآية: 19.
[2] سورة
البقرة، الآية: 228.
[3] البخاري
5856.
[4] يفرك:
يبغض.
[5] مسلم
61.
[6] صحيح
سنن أبي داود، رقم: 1875.
[7] البخاري
5093.
[8]
مسلم 188.
[9] صحيح
سنن أبي داود، رقم: 1867.
[10] البخاري
4927.
[11] ابن
حجر العسقلاني، فتح الباري
9/325.
[12] البخاري
3607.
[13] البخاري
3606.
[14] البخاري
3610.
[15]
العسقلاني، فتح الباري 7/136،
140 (بتصرف).
تنزيل المقال pdf