الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم
الأنبياء والمرسلين نبينا
محمد وآله وصحبه أجمعين.
قال الله تعالى:
﴿اسْتِكْبَارًا
فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ
السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا
بِأَهْلِهِ﴾[1].
إنها سنة الله العادلة بين
البشر أن كل من يمكر مكرًا
سيئًا بغيره فعاجلاً أو آجلاً
سيحيق مكره السيئ به نفسه
وينزل به ما كان يريد أن ينزل
بغيره. والمثل العامي يقول:
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها.
فما بالك بمن يمكر
بالمسلمين؟!
ما من مسلم محافظ على الصلاة
إلا وقد سمع هذا الدعاء الذي
يكرره الدعاة وخطباء المساجد:
((اللهم من أراد بالإسلام
والمسلمين سوءًا فأشغله
بنفسه، ورد كيده إلى نحره،
واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا
قوي يا عزيز)). فحين يقع
الظلم على المسلمين ويدعون
بهذا الدعاء فإنه ليس بينه
وبين الله حجاب يحول دون
وصوله واستجابته،
وقد قال رسول الله صلَّى الله
عليه وآله وصحبه وسلَّم:
«اتقوا
دعوة المظلوم، فإنها تُحمل
على الغمام، يقول الله: وعزتي
وجلالي لأنصرنكِ ولو بعد حين»[2].
لقد قام الهنود بمكر سيئٍ
بالمسلمين فاتهموهم ظلمًا بأنهم
نشروا فيروس كورونا في الهند،
وروجوا عنهم الأخبار الكاذبة
والملفقة مثل تصريحهم بأن
الباعة المسلمين يبصقون على
الخضروات، ويغطونها باللعاب
ثم يبيعونها. وأطلقوا على
المسلمين لقب (قنابل بشرية)!
والغرض من هذا المكر
بالمسلمين هو تأليب الهندوس
وتحريضهم على الاعتداء على
المسلمين وقتلهم وهو ما حصل
فعلاً فوقع الكثير من الضحايا
المسلمين نتيجة لهذا التحريض
الماكر الظالم.
وقد نشرت الصحف الأخبار التي
تشير إلى ذلك ومنها صحيفة
(نيويورك تايمز) الأمريكية
التي قالت: ((موجة هجمات ضد
المسلمين بالهند بعدما
اتهمتهم الحكومة بنشر
كورونا)). وأوضحت الصحيفة في
تقريرها أنه قد سجلت اعتداءات
على مصلين في المساجد! وأشارت
إلى أن معابد السيخ بثت رسائل
عبر مكبرات الصوت، تطالب
الناس بعدم شراء الحليب من
مزارع المسلمين لأنه ينقل
فيروس كورونا. وقد أصيب
المسلمون بالخوف والقلق من
تكرار حادثة سابقة عندما
اجتاحت مجموعة من الهنود
الهندوس حيًا للمسلمين للطبقة
العاملة في العاصمة نيودلهي،
ما أسفر عن مقتل العشرات. أما
(موقع قناة فرانس 24) فقد نشر
العنوان الآتي: ((الهند:
أخبار كاذبة تربط انتشار
فيروس كورونا بالمسلمين وتغذي
الإسلاموفوبيا)).
ولهذا أصدرت منظمة التعاون
الإسلامي البيان الآتي:
((تعرب الأمانة العامة
لمنظمة التعاون الإسلامي عن
انشغالها العميق إزاء ما
تداولته التقارير الاعلامية
الأخيرة والتي تشير إلى تصاعد
حدة استهداف المسلمين في
الهند وانتشار مشاعر الكراهية
والاسلاموفوبيا في بعض
الأوساط السياسية والإعلامية
ومنصات التواصل الاجتماعي على
أساس ادعاءات تحمل الأقلية
المسلمة مسؤولية تفشي وباء
كورونا كوفيد-19 بذلك البلد.
وتعبر الأمانة العامة عن
موقفها الرافض استهداف
المسلمين في أي مكان)).
وبعد ذلك بمدة أعلن المسؤولون
في الهند وتفاخروا بأن كورونا
قد انتهى من الهند وانتهت
اللعبة. أي أنهم ظنوا بأنهم
قد سيطروا على الوضع وأنهم
قادرون عليه فأتاهم أمر الله!
قال الله تعالى:
﴿حَتَّى
إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ
زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ
وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِرُونَ عَلَيْهَا
أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا
أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا
حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ
بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ﴾[3].
لقد تفاخروا بأنهم حالة
استثناء في القضاء على كورونا
من بين جميع دول الأرض،
فأصبحوا بالفعل استثناءً من
كل الدول ولكن بأعداد
الإصابات المهولة التي لم
يسبق لها مثيل، بل تحور
الفيروس إلى نسخة جديدة خاصة
بهم وسميت (المتحور الهندي)!
التي جعلت الدول الأخرى تمنع
الرحلات الجوية والقادمين من
الهند.
فالله تعالى لم يمهل هؤلاء
المكرة، إذ جاءت أعيادهم
الهندوسية التي يقدسونها
ويحتفلون بها، وبناءً على
إعلان المسؤولين بانتهاء
كورونا من الهند وأنهم قد
قضوا عليه تمامًا فقد نزلت
الحشود الضخمة من الهنود إلى
الشوارع والساحات بلا كمامات
ولا تباعد للاحتفال بهذه
الأعياد ففرحوا ورقصوا
وتباهوا فما لبثوا أن نزل بهم
العذاب بانتشار كورونا بينهم
انتشارًا رهيبًا حطم كل
الأرقام القياسية في العالم
حيث وصل عدد الإصابات في يوم
واحد إلى حوالي أربع مئة ألف
إصابة! والوفيات أكثر من
ثلاثة آلاف؛ فامتلأت
المستشفيات ولم يعد فيها
أماكن ونفد منها الأوكسجين
وصار الناس يموتون في
الشوارع! ولم يعد هناك أماكن
في المقابر! ونفد الخشب الذي
يستخدمونه في حرق الجثث كما
هي العادة عندهم! وحتى لم يعد
هناك سيارات إسعاف أو نقالات
لنقل الموتى إلى المحارق،
وصار المحظوظ بالنسبة إليهم
هو من يصل إلى المحرقة ويتوفر
له الخشب لحرقه! وصار بعضهم
يقتل بعضًا كما حدث مع موظف
في السكك الحديدية الذي قطع
رأس زوجته بعد أن ثبتت
إصابتها بفيروس كورونا ثم
انتحر بالقفز من شرفة شقته!
وقس على ذلك قصصًا كثيرة حدثت
في الهند.
وقد حاولت وسائل الإعلام
المختلفة وصف حجم هذه الكارثة
الكبرى فذكرت بأن (كورونا
يبتلع مدنًا في الهند وبحث
مضن عن مقابر). (مستشفيات
الهند تترنح تحت تفشي كورونا)
(الهند تواصل تحطيم الأرقام
القياسية بعدد الإصابات).
(محارق الجثث مكدسة بموتى
كورونا بالهند). (الموتى
يحرقون في مواقف السيارات
والخشب ينفد). (كورونا..
سلالة الهند تهدّد العالم
بأسره فهل من حل في الأفق؟)..
كارثة مهولة صعبة الوصف
تسببوا بها لأنفسهم بأنفسهم
بسبب مكرهم السيئ بالمسلمين
ولم يعرفوا سنة الله تعالى في
هذا الشأن السارية المفعول في
كل زمان ومكان؛ ولهذا قال
الله تعالى بعد أن ذكر المكر
السيئ الذي لا يحيق إلا
بأهله:
﴿فَهَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ
الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ
لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ
اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ
قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي
السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي
الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ
عَلِيمًا قَدِيرًا (44)
﴾[4].
لقد مكروا سيئًا بالمسلمين
فاتهموهم زورًا وبهتانًا بنشر
كورونا فحاق المكر السيئ بهم
من جنس ما مكروه وعاد وبال
ذلك عليهم فنشروا هم كورونا
فيما بينهم وافتضح أمرهم أمام
العالم أجمع بأنهم هم
(القنابل البشرية) وليس
المسلمين، فحتى هذا الوصف قد
ارتد عليهم وحاق بهم كما في
عنوان مقال (قنبلة الهند الكورونية)!، فكانت عاقبة
مكرهم تلك الأعداد الضخمة من
الإصابات والوفيات يوميًا.
وهكذا كانت استجابة دعاء
المسلمين فأشغل الله الهندوس
بأنفسهم عن المسلمين، ورد
كيدهم إلى نحورهم، وجعل
تدبيرهم تدميرًا عليهم، إنه
هو القوي العزيز.
﴿وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾[5].
أدعو الله تعالى أن يهدي
هؤلاء الهندوس أو بعضهم إلى
الإسلام، وأن تنقلب هذه
الكارثة الكبرى خيرًا للإسلام
والمسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد
وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
عدنان الطَرشَة