يجد البحاثة أن التمرين البدني، حتى المعتدل، قد يؤخر تأثيرات الشيخوخة لا
بل يعكس مجراها. ومن الفوائد الثابتة تحسن وظيفة القلب والجهاز التنفسي
وازدياد قوة العضلات ومتانة العظام وسرعة ردود الفعل وتدني احتمال الإصابة
بالكآبة.
ويعد أحد الباحثين أن الإهمال مسؤول بنسبة 50 في المئة تقريبًا عن
الانحطاط الوظيفي الذي يطرأ عادة بين الثلاثين والسبعين من العمر. أما
التمرين البدني في منتصف العمر وبعده فقد يرجع عجلة الزمن بين عشر سنين
وخمس وعشرين سنة. وإلى ذلك تثبت نتائج الأبحاث أن التحسن قد يطرأ على حياة
المرء مهما يكن العمر الذي يبدأ فيه التمرين.
أما الدكتور «روي شيفارد» الخبير في التمرين البدني والشيخوخة في جامعة
تورنتو بولاية أونتاريو الكندية، فيخلص إلى القول:
((عليك
أن تقطع شوطًا كبيرًا قبل أن تجد ما يضاهي التمرين البدني كينبوع للشباب.
وليس عليك أن تدخل سباق المسافات الطويلة لتجني فوائده. فالمشي السريع لمدة
30 دقيقة ثلاث مرات أو أربعًا في الأسبوع كفيل بتجديد شبابك عشر سنين)).
والأبحاث التي أجريت في السنوات العشرين الأخيرة تناقض الاعتقاد الشائع أن
المسنين لا يستطيعون التحسن بدنيًا، وأنهم في أفضل الحالات قد يبطئون من
انحطاط أجسادهم. وإحدى أوائل الدراسات أجراها «هربرت ديفريس»، وهو رائد في
استخدام «فيزيولوجيا» التمرين لاستكشاف علم الشيخوخة. وشملت دراسته أكثر من
مئتي رجل وامرأة متقاعدين من كاليفورنيا، تراوح أعمارهم بين 56 و 87 عامًا،
اشتركوا في برنامج للياقة البدنية تضمن الركض والمشي والجمباز وتمارين
المرونة. وبعد ستة أسابيع هبط ضغط دمهم وانخفض وزنهم ومستوى الدهن في
أجسامهم وازدادت كمية الأوكسجين المنقولة إلى أنسجتهم وخفت الأعراض
العضلية/العصبية التي تدل على التوتر العصبي.
وسجل «ديفيريس» في كتابه «اللياقة البدنية
بعد الخمسين»
ما يأتي:
((أصبح
الرجال والنساء في الستين والسبعين من أعمارهم يضاهون لياقة ونشاطًا أولئك
الذين يصغرونهم بعشرين عامًا أو ثلاثين. والذين تحسنوا أكثر من سواهم هم
الذين كانوا أقل نشاطًا ولياقة)).
مقاومة الشيخوخة:
يعترف «إيفريت سميث» مدير مختبر علم الشيخوخة والبيولوجيا في جامعة وسكونسن
في ماديسون:
((ستنحط
قوانا جميعًا في النهاية، لكن نوعية الحياة هي أفضل بالنسبة إلى المسنين
النشيطين جسديًا منها بالنسبة إلى الذين يجلسون منتظرين نذير الموت)).
يصبح الانحطاط الوظيفي مع التقدم في السن مثيرًا للكآبة. فقدرة القلب على
ضخ الدم تنخفض بعد سن النضج بنسبة واحد في المئة سنويًا. وتنخفض سرعة تدفق
الدم من الذراعين إلى الرجلين بنسبة 30 إلى 40 في المئة في عمر الستين عما
تكون لدى الراشدين الشباب. ومع التقدم في السن تقل كمية الهواء التي يمكن
المرء أن يزفرها بعد نفس عميق، ويتصلب القفص الصدري، وتخف سرعة انتقال
الرسائل عبر الأعصاب إلى نسبة تراوح بين 10 و 15 في المئة قرابة السن
السبعين.
غير أن الدراسات الأخيرة أظهرت أنه يمكن تأخير معظم حالات الوهن المرتبطة
بالسن بواسطة التمرين البدني. فالتمرين عند المسنين يخفض معدل استراحة
القلب ويزيد كمية الدم التي تضخ مع كل خفقة. وإلى ذلك، مهما يكن السن،
فعندما يمارس ضغط على العظام من خلال التمرين تزيد نسبة الكلسيوم فيها
فتزداد مقاومتها للكسر.
ولا شك في أن تمارين المسنين لا تخلو من المجازفة. والدكتور «تشارلز غودفري»
اختصاصي كندي بطب إعادة التأهيل، وهو ينصح من تجاوز الخمسين بعدم ممارسة
التمارين التي تنطوي على قفز أو قرع عنيف، كالركض السريع والقفز على الحبل،
ويضيف:
((إنها
تحدث جروحًا يسببها المرء لنفسه)).
لكنه يصر على أن
((التمرين
هو الطريقة الوحيدة لمقاومة الشيخوخة، بشرط أن يمارس على نحو سليم)).
ما هي التمارين السليمة؟
هناك أنواع ثلاثة من التمرين مهمة في المحافظة على أفضل نوعية ممكنة
للحياة. فتمارين (الاحتمال) تكيف الدورة الدموية والجهاز التنفسي. وتزيد
تمارين (التقوية) قدرة العضلات، الأمر الذي يساعد على وقاية المفاصل من
الإصابات. أما تمارين (المرونة) أو (المط) فتحول دون تصلب المفاصل عند
المسنين، وقد أظهر البحاثة أن تصلب المفاصل وأوجاعها التي ترافق الشيخوخة
غالبًا ما تأتي عن إهمال التمرين وليس عن داء التهاب المفاصل.
ويعد المشي السريع أفضل تمارين الاحتمال بالنسبة إلى المسنين. ومن
التمارين الممتازة السباحة وركوب الدراجة الثابتة وتحريك آلة للتجديف.
وتستحسن ممارسة أحد هذه التمارين أو بعضها ولمدة 30 دقيقة ثلاث مرات أو
أربعًا أو خمسًا في الأسبوع.
أما تمارين التقوية فيكفي أن تمارسها ثلاث مرات أو أربعًا في الأسبوع كي
تزداد قوة عضلاتك 40 إلى 75 في المئة بعد بضعة أشهر.
أما تمارين المرونة فتجدر بك ممارستها يوميًا، لكنك تجني فائدة ملحوظة إذا
مارستها ثلاث مرات في الأسبوع. وأهم القواعد في مط العضلات والأربطة
والأوتار هي تأدية كل حركة ببطء والمحافظة على الوضع عشر ثوان على الأقل.
بعد ذلك تستريح لفترة وجيزة وتعيد التمرين.
ما هي التمارين السليمة؟
كيف تتمرن على نحو غير مؤذ؟
يقدم «ديفريس» ست أفكار مفيدة إلى المسنين:
§ زر طبيبك. فالفحص الطبي مهم جدًا قبل بدء برنامج تمرين أو تكثيفه.
§
تقدم ببطء. ابدأ بمستوى خفيف ومريح، ثم زد الإجهاد تدريجيًا.
§ اعرف حدودك. فإن خارت قواك أو واجهتك مشاكل في النوم أو انتابك كآبة
مستديمة، فأنت على الأرجح تتجاوز قدراتك.
§
تمرن بانتظام. لا شك في أن بلوغ الذروة يتطلب أسابيع وربما أشهرًا. لكنك قد
تفقد مستوى لياقتك بمجرد توقفك عن التمرين أسبوعًا أو اثنين. حاول أن تحافظ
على برنامج للتمرين بمعدل ثلاث جلسات أسبوعيًا. لكن توقف إذا أصبت بمرض، وإن يكن مجرد زكام.
§
اعمد إلى تحمية جسمك أولاً. فكلما تقدمت في السن وجب عليك أن تحضر جسمك
أكثر للتمرين. والتحمية السليمة (مط ومشي بطيء) لمدة عشر دقائق تقي قلبك
وعضلاتك ومفاصلك.
§
هدئ جسمك بعد التمرين. لا تتوقف أبدًا عن تمرين نشيط فجأة. امش دقيقتين على
الأقل بعد تمرين ركض وانتظر خمس دقائق على الأقل بعد تدرب نشط واستحم
بالماء الفاتر عوض الماء الساخن.
أنت ترى اليوم ملايين الأشخاص يركضون ويركبون الدراجات ويسبحون ويشقون
سبيلهم إلى حياة أكثر صحة يحققون فيها أمانيهم. فلم لا تنضم إلى الشمل
المرح؟